بقلم المهندس/ طارق بدراوى
البدرشين مدينة ومركز بمحافظة الجيزة تشتهر بصناعة الأثاث ومصانع الزيوت والصابون وأهل المركز مزارعون بالمقام الأول وبها كوبري المرازيق عند قرية الشوبك الذى تم تشييده وإفتتاحه فى يوم 10 أكتوبر عام 1956م حينما أنهى مئات المهندسين والعمال المصريين بمعاونة خبراء من المجر الأعمال الإنشائية فى هذا الكوبرى المعدنى والذى أقيم قبل الشروع فى إنشاء مصانع التبين جنوب حلوان ومنذ ذلك التاريخ أى على مدار 60 عاما ويعمل الكوبرى علي الربط بين القاهرة والجيزة ويعد أطول كوبرى معدنى فى مصرحيث يبلغ طوله نحو 1300 متر والكوبرى مخصص لمرور السيارات والمشاة ومايزال يخدم عشرات القرى الواقعة على طريق مصر أسيوط الزراعى بداية من منطقة كوبرى الجيزة حتى حدود محافظة بنى سويف بطول 72 كم قبل أن يتم إفتتاح محور المنيب عام 1998م ثم كوبرى البليدة فى مدينة العياط عام 2014م والذى يبعد 20 كم جنوبي المرازيق وبمركز البدرشين وجدت عاصمة مصر القديمة منف ميت رهينه حاليا والتي تعتبر أقدم عاصمة في تاريخ مصر ومدينة البدرشين لها فخر أن محافظة الجيزة بأكملها تحتفل بالعيد القومى في اليوم الذى قام فيه أبناء قرية الشوبك بخلع وإزالة قضبان السكك الحديدية وأوقفوا القطار بالجنود الإنجليز خلال ثورة عام 1919م وبالنسبة للتمثيل النيابي فكانت دائرة البدرشين تضم مدينة الحوامدية وقراها ولكن الآن أصبحت البدرشين دائرة مستقلة والحوامدية دائرة أخرى مستقلة أيضا …..
ويرجع تاريخ إنشاء مدينة منف العاصمة القديمة لمصر إلى ما قبل الميلاد بحوالي خمسة آلاف عام عندما كانت مصر عبارة عن مملكتين مملكة الشمال وعاصمتها هليوبوليس وهي عين شمس حاليا ومملكة الجنوب وعاصمتها مدينة طيبة وهي الأقصر حاليا وقام الملك مينا أو نارمر بتوحيد القطرين الشمالي والجنوبي وأقام المملكة المصرية وإتخذ من مدينة منف ميت رهينة حاليا والتي تقع بقلب مدينة البدرشين أول عاصمة لمصر واقام بها أول حكومة مركزية عرفت في تاريخ البشرية وكانت منف أيضا تعرف بإسم الجدار الأبيض وذلك حتي القرن السادس والعشرين قبل الميلاد إلي أن أطلق عليها المصريون إسم من نفر وهو الإسم الذي حرفه الإغريق بعد ذلك فصار ممفيس ثم أطلق العرب عليها إسم منف وتضم المدينة أقدم الآثار المصرية حيث يوجد بها بقرية أبوصير أقدم أهرامات التاريخ وهى أهرامات معابد الشمس وفي قرية سقارة يوجد أول بناء حجري في التاريخ وهو هرم الملك زوسر المدرج وأهرام منشاة دهشور مثل هرم سنفرو الذى يعد أول هرم كامل فى التاريخ وهرم أمنمحات الثانى وهرم أمنمحات الثالث الذى يعرف أيضا بالهرم الأسود والعديد من المعابد مثل معبد الملك رمسيس الثاني والذى ماتزال له بقايا بالمنطقة والذي إكتشف فية التمثال الكبير للملك رمسيس الثاني عام 1820م من خلال المستكشف جيوفاني باتيستا كافيليا وقد عثر على التمثال في ستة أجزاء منفصلة وباءت المحاولات الأولية لوصلها بالفشل إلي أن نجح المختصون بعد جهود مضنية في تجميع أجزاء التمثال ويبلغ طول التمثال 11 مترا ويزن 80 طنا وهو منحوت من الجرانيت الوردى اللون وفي شهر مارس عام 1955م أمر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بوضع التمثال في ميدان باب الحديد في القاهرة وتم تسمية الميدان بإسمه ميدان رمسيس وتم نقل التمثال بالفعل إلى ميدان باب الحديد رمسيس حاليا بقلب القاهرة ثم نقل بعد ذلك إلى ميدان الرماية عند مدخل الأهرام ليتصدر مدخل المتحف المصرى الكبير الجارى إنشاؤه هناك كما يوجد بالمدينة متحف آثار مكشوف ومن أهم الأثار الموجودة به التمثال الضخم لرمسيس الثاني وتمثال آخر له كبير واقعا على الأرض كما يوجد تمثال في صورة أبو الهول من الألابستر وبعض الآثار الأخرى ……
بقايا معبد رمسيس الثاني بالبدرشين
كما تتبع مدينة البدرشين قرية العزيزية وبها السجن الذي اقام فيه نبي الله يوسف عليه السلام ومخازن الغلال التي شيدها في عصر تواجده بالمدينة وكذلك يوجد مسجد موسى بجوار سجن يوسف بتلك القرية والذى بناه شاهنشاه بن بدر الدين الجمالي عام 515 هـ على بقايا آثار سيدنا كليم الله موسى عليه السلام ولا يزال هذا المسجد قائما حتى الآن وكانت قرية العزيزية إحدى أربع قرى كانت قديما جزء لا يتجزأ من مدينة منف أو ممفيس أقدم عاصمة في تاريخ مصر وهي قرى العزيزية وأبو صير وسقارة وميت رهينة وكانت العزيزية هي منطقة المعيشة وقد ذكرها المقدسي في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم فقال إن العزيزية وهى من مدينة منف القديمة قد إختلت وخربت عامتها وكانت المصر في القديم وبها كان ينزل فرعون وثم قصره ومسجد يعقوب ويوسف كما وردت في صبح الأعشى فقال عنها إنه يوجد في شمال منف بلدة صغيرة تعرف بالعزيزية يقال إنها كانت منزلة العزيز وزير الملك وهناك مكان على القرب منها يعرف بزليخا وفي غربيها إلى الشمال في سفح جبل مصر الغربي سجن يوسف عليه السلام وإلى جانبه مسجد موسى عليه السلام وبالقرب منهما مسجد يعقوب عليه السلام وفي عهد الحكم الروماني لمصر أصدر الإمبراطور البيزنطي ثيودوسيوس الثاني أمرا بتخريب معابد منف وتحطيم تماثيل الآلهة وتحولت المدينة إلى محجر تنقل أحجاره لتشييد منشآت أخرى وأقيم على أطلالها وفى أراضيها قرى العزيزية وميت رهينة والبدرشين وسقارة وقيل إن السبب في تسميتها العزيزية أنه إشتق إسمها من عزيز مصر والذي روي القرآن الكريم قصة زوجته زليخا مع نبي الله سيدنا يوسف عليه السلام كما قيل إنه لما تولي العزيز بالله الفاطمي حكم مصر إختاروا له خمس قرى قديمة وأطلقوا عليها إسمه تخليدا لذكراه وكانت العزيزية هذه إحداها …..
وتقع مدينة البدرشين على أطراف العاصمة المصرية القاهرة وتبعد عنها بحوالى 17 كيلو مترا ناحية الجنوب ويحدها من الشرق نهر النيل ومدينة حلوان ومن الجنوب مدينة العياط ومن الغرب صحراء مصر الغربية ويوجد بها كما أسلفنا القول كوبري المرازيق الذى يربط المدينة بباقي مدن وقرى الجيزة الواقعة شرق النيل ومدينة البدرشين مدينة كبيرة المساحة والسكان حيث يبلغ تعدادها أكثر من 90 ألف نسمة وهي مركز تجاري وصناعي هام بمحافظة الجيزة وتضم المدينة عددا كبيرا من القرى الريفية أهمها سقارة وميت رهينة وقرية دهشور والمرازيق والشوبك الغربي والطرفاية والتي تشتهر بعمال طائفه المعمار من حدادين ونجارين مسلح على أعلى مستوي وأيضا قرى المرازيق وقلعة المرازيق وأبو رجوان القبلي وأبو رجوان البحرى وأبوصير والعزيزية وتشتهر مدينة البدرشين بصناعة الموبيليا والأثاث حيث تعتبر هي المنافس الرئيسى لمحافظة دمياط في هذا المجال وبها الكثير من المصانع مثل مصانع الزيوت والصابون ومصانع السجاد والموكيت ومصانع النيل لإنتاج الملابس الجاهزة ومصانع إنتاج السفن والفنادق العائمة ومصانع إنتاج اللوحات الكهربائية وزراعيا تنتج المدينة أكثر من ثلث إنتاج مصر من تمر النخيل عالى الجودة ولذا تعتبر البدرشين من المدن التجارية الهامة حيث يقصدها يوميا الآلاف من القرى للعمل بالتجارة داخل أسواقها أو لشراء إحتياجاتهم من جميع السلع والبضائع …..
وجه تمثال رمسيس الثاني المنبطح علي الأرض بمعبده بالبدرشين
ويحتفل أبناء المدينة بوجه خاص ومحافظة الجيزة بوجة عام بيوم الحادي والثلاثين من شهر مارس من كل عام بالعيد القومى للمحافظة حيث يقام إحتفال سنوي كبير في كل عام في قرية نزلة الشوبك يحضره محافظ الجيزة والقيادات الشعبية والمحلية ويرجع إختيار ذلك اليوم إلى زمن الإحتلال البريطانى لمصر حينما قام أبناء نزلة الشوبك في ذلك اليوم من عام 1919م بخلع قضبان السكك الحديدية وإزالتها لحرمان قوات الإحتلال من نقل عتادها وجنودها إلى جنوب مصر وأدى ذلك إلى إنقلاب إحدى القطارات القادمة من القاهرة وإشتبك أبناء نزلة الشوبك مع من تبقى من جنود الإحتلال وعرفت المعركة بمعركة أبوطورية حيث تصدى أهل نزلة الشوبك شبابا ورجالا ونساءا لقوات الإحتلال وكبدوها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد مما جعل الإنجليز يقومون بنقل جنودهم وعتادهم بعد ذلك عن طريق نهر النيل إعتقادا وظنا منهم أنه الأكثر أمنا وأمانا بعد هذه المعركة الشرسة مع الأهالي بالمنطقة ولذا فقد إشتهرت المدينة بلقب أنها مصنع الرجال …..
ويوجد بالمدينة عدة شوارع رئيسية منها شارع آثار سقارة وهو من أقدم شوارع المدينة وأشهرها لكونه ايضا مركزا تجاريا وشارع المستشار باهي المتناوي حاليا النيل السعيد سابقا الذي يبدأ من طريق النيل شرقا إلى قلب المدينة غربا وشارع مصر أسيوط البطئ والذي يبدأ من مبنى مدارس مصر العليا شمالا إلى موقف سيارات المدينة جنوبا وشارع عباس عنانى الذي يبدأ من محطة القطارات شمال شرقي المدينة إلى الجنوب الغربي منها وهو طريق دائري حول المدينة ويعرف حاليا بشارع المعارض لكثرة محلات بيع الأثاث والموبيليا به وتجارة الإسفنج ومن الشوارع الحيوية بالمدينة شارع الشهيد محمد المتناوي حاليا بور سعيد سابقا ويبدأ من الكوبرى الجديد وينتهى بمعبد رمسيس بميت رهينة وشارع عبدالمنعم لبنة ويبدأ شمالا من طريق أبو ربع إلى المدرسة الثانوية وشارع محمد لبنة ويبدأ من المحكمة القديمة إلى مقابر المدينة غربا ومن الشوارع المزدحمة تجاريا بالمدينة شارع أبو شميلة حاليا صيدناوى فخر الدولة سابقا وشارع البستان بغرب المدينة وشارع أبو جبة في منتصف مدينة البدرشين وشارع البستان وهو من أعرق شوارع البدرشين وتوجد به أكثر كثافة سكانية …..
هرم سقارة المدرج
ويوجد بمدينة البدرشي العديد من المدارس منها مدرسة البدرشين الثانوية بنين ومدرسة البدرشين الإعدادية بنات ومدرسه النصر الإبتدائية ومدرسة الجعودى الإبتدائية ومدرسه البدرشين الإبتدائية ومدرسة التحرير الإبتدائية ومدرسه أحمد عرابى الإبتدائية والمدرسة الثانوية الصناعية بنين والمدرسة الثانوية بنات ومدرسة الشهيد مصطفي محمد أبو زيد الثانوية والمدرسه الثانوية التجارية المشتركة ومدارس مصر العليا الخاصة ومدارس منف الخاصة المشتركة ومدرسة عباس عناني الإبتدائية ومن أشهر العائلات بالمنطقة عائلتي عزام وخضر واللتين كانت بينهما خصومة ثأرية طاحنة لسنوات طويلة ولم يتم الصلح بين العائلتين إلا منذ سنوات قليلة بعد سنين طويلة من العداء والخصومة راح ضحيتها الكثير من خيرة شباب العائلتين ……